محتويات المقال
مفيش حد بيتعامل عن قرب مع الدكتور عمرو حسن، طبيب النساء والتوليد المعروف، إلا ويحس إنه أحد أفراد الأسرة، وده بسبب العلاقة الطيبة اللي بيحرص إنه يكوّنها مع مريضاته وأسرهم، والمجهود اللي بيبذله دايمًا عشان الأمهات يكونوا بخير. الدكتور عمرو حسن بيشتغل أستاذ مساعد النساء والتوليد والعقم بقصر العيني ومؤسس حملة انتي الأهم، غير إنه كان مقرر المجلس القومي للسكان السابق. راحة بالي قابلته عشان تعرف أكتر عنه وكان حوار ممتع جدًا.
ليه اخترت تخصص النساء والتوليد؟
مامتي لما اتجوزت، اتأخرت في الإنجاب 5 سنين، تعبت جدًا لحد لما حملت فيا أنا وأخويا. كانت مريضة إجهاض متكرر، القصة دي لفتت نظري لأهمية تخصص النساء والتوليد في إنه يحل مشاكل كتير مش بس للست لكن للأسرة كلها. وإزاي بيأثر على نفسيتها وحياتها بشكل عام. ميزة تانية خيالية لتخصص النساء والتوليد إنه بيجمع بين الباطنة والجراحة، والمناظير والسونار.
لما تجي لي ست حامل ومريضة ضغط أو سكر أو غدة درقية، لازم أعمل معاها شغل باطنة، غير إن الولادة القيصرية أو استئصال ورم أو كيس من على المبيض هو تخصص فيه استخدام مناظير وسونار. والأهم من كل ده إنه التخصص الوحيد في الطب اللي بيجيب الفرحة: فرحة الست اللي ما كانتش بتخلف وحملت، فرحة زوجها وأخواتها وقرايبها، بعكس تخصصات تانية كتير، لما المريض يشوف الدكتور مش بيكون حابب يفتكر الذكرى، زي الكسور في حالة دكاترة العظام مثلًا.
كمان النساء والتوليد التخصص الوحيد اللي فيه علاقة بين الطبيب والعيلة كلها، الست وجوزها ومامتها وأخواتها، بعكس مثلًا لو راجل راح لدكتور ذكورة مش هيكون حابب حد يعرف من أسرته. باختصار الست لما بتيجي لي، هي مش مريضة هي بتمر بتغيرات فسيولوجية ربنا عاملها، إنتي رايحة بتتابعي التغيرات دي. التخصص مختلف راحة وباطنة ومناظير وسونار.
إيه هي أكبر مشكلة بتهدد صحة الستات في مصر؟
الثقافة الطبية مش موجودة، لا بيتم تدريسها في المدرسة ولا التلفزيون بيهتم، ولا حتى الأب والأم عندهم المعلومة، الست تكون مخلفة مرة واتنين وتلاتة وما عندهاش معلومات بسيطة جدًا زي إزاي تهتم بنظافتها الشخصية، ودي حاجة ما لهاش علاقة بالغنى والفقر، وجود المعلومة بيمنع مشاكل كتير. لو الأم عرفت إن العضم بيتكون في أول 20 سنة من عمر البنت وإنها لازم تهتم بأكلها وشربها بحيث تدي البنت رصيد كفاية من الكالسيوم، لو فهمت إنها أثناء الحمل والولادة لازم تاخد أدويتها بانتظام، وما تسرفش في الأكل وخصوصًا الموالح فييجي لنا ضغط وسكر وتسمم حمل، اللي بيحصل إن الست بتخربها في الأكل والشرب لحد لما توصل الأربعين، تبدأ تواجه حزمة مشاكل زي الضغط والسكر والقلب وهشاشة في العظام غير زيادة الوزن، عندنا جيل بيخرج ياكل فسيخ ورنجة ومخلل، مفيش ثقافة العصاير الفريش وطبق السلطة. لو الناس اتعلمت تعيش صح الولاد هيطلعوا عايشين صح.
منين بتيجي الثقافة الطبية؟
بره في المدارس والحضانات حاجة اسمها توعية صحية، تاكلي إيه؟ تشربي إيه؟ تغسلي إيدك وسنانك ازاي؟ العادات دي موجودة في الحضانة. فانتي بتخلقي واحد فاهم في صحته، حلو قوي الولاد يدرسوا تاريخ وجغرافيا، لكن العيل يعرف ياكل ويشرب ويغسل إيده، متزن نفسيًا وفاهم صحيًا، ده أهم.
إيه هي الوصفة الصحية اللي تضمن بقاء المرأة بصحة جيدة خاصة مع التقدم في العمر؟
الإنسان رحلة: بدأتها صح، هتكمل صح. الرحلة دي بتبدأ من الطفولة، بتمشي صح مع الأكل الصحي والبعد عن المخدرات والتدخين، لعب الرياضة والحرص على اللبن والبعد عن المشروبات الغازية، الاهتمام بالأدوية في الحمل وبعد الولادة، والحرص على معرفة شجرة العيلة والكشف المسبق لتلافي المخاطر. لكن للأسف، الناس بتستنى لما ييجي لها سكر وقلب وضغط وتبتدي تاخد بالها بعد فوات الآوان. فيه قصة مش بانساها لحالة مريضة عمرها 50 سنة، جاية تستأصل الرحم ولقيت سكرها 400، بالفت نظرها إنه ما ينفعش وإنها كده مريضة سكر، قالت لي: “ما شفتش المرض غير لما شوفتك.” ومن هنا بتبدأ أسطورة “منهم لله الدكاترة”.
إيه هو أكتر سبب بيؤدي لوفيات الستات في مصر؟
القاتل رقم 1 للسيدات في مصر مرض القلب، مش سرطان الثدي. لما نيجي نبص على عوامل الخطر زي ارتفاع ضغط الدم، السكر، البدانة، عدم لعب الرياضة، الأكل الغني بالدهون والكوليسترول، والتدخين، كل دي عوامل لمرض القلب اللي صحيح بييجي للرجالة في أي عمر، لكن بييجي للستات لما تعدي الأربعين وتنقطع الدورة الشهرية. وقتها عنصر الحماية بيكون راح. التبويض وهرمون الإستروجين بيقلل الكوليسترول الضار، فالست محمية طول ما فيها تبويض. لكن لما بتدخل سن اليأس، بيبدأ كل شيء. تخيلي ست مصرية في أواخر الأربعينات، التخن بيجيب سكر، وضغط ودول بيجيبوا القلب. عشان كده، دايمًا أقول للست اعرفي رقم ضغطك وسكرك زي ما بتعرفي رقم موبايلك. لو اتحكمتي فيهم، هتعرفي ازاي تتحكمي في حياتك. أما القاتل رقم 2 فهو سرطان الثدي، ومن أهم عوامل الخطر المتعلقة به البدانة والأكل الغني بالدهون والأهم شجرة العيلة، الأخوات، والخالات، وكمان التقدم في السن عامل إضافي. القاتل الأول أثناء الحمل والولادة هو النزيف، وده سبب مش موجود في الدول المتقدمة. لما الست بتولد بتروح مكان ما فيهوش بنك دم، وأثناء الحمل مش بتهتم تقيس درجة الأنيميا، أما القاتل رقم 2 أثناء الحمل والولادة هو تسمم الحمل، بسبب ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل. وده سبب برضه مش موجود بره مصر. الست بصفة عامة بتتابع، بينما هنا ما بتكونش بتتابع. أما السبب الثالث، فهو حمى النفاس، ودي عدوى بتيجي أثناء الولادة: تسخن وتأثر عليها. وبرضه مش موجود بره لإن الأدوات نضيفة وما عندهاش أنيميا. مصر حققت نجاح رهيب في معدلات الوفاة للأطفال 43 لكل 100 ألف ست، النسبة دي قليلة جدًا، كانت 200 ست لكل 100 بقت 50، لكن دولة زي إنجلترا 8 لكل 100 ألف، وفي إسرائيل 5 لكل 100 ألف. لو اتحسنت الخدمة الطبية، هنقدر نحمي الستات ونقلل معدل الوفيات.
إيه اللي دفعك لبدء مبادرة “أنتي الأهم”؟
بدأت وأنا طبيب مقيم في قصر العيني، كنت صغير وكنت شايف إن مفيش توعية صحية، مفيش اهتمام بالثقافة الطبية، محدش بيتكلم معانا عن صحتنا، فيه جهل مركب بالثقافة الطبية، مش بس الوعي مش موجود، لكن كمان مفيش وعي بغيابه.
مع الوقت اكتشفت إن الشغل على الثقافة الطبية مش كفاية. محتاجين نزود الوعي في كل المجالات، ونمكّن المرأة في كل المجالات، نحارب التحرش والختان والعنف ضدها بكل أنواعه، نبرز نماذج نسائية ناجحة، ونعلي الثقافة الطبية.